السحور هو العبادة التي تسبق الصوم، وقد استمدّ السحور فضله من فضل الصوم؛ فإنّ الصوم لله وكلّ ما كان لأجل الصوم فهو لله كذلك..
يعتقد البعض بأنهم لو تناولوا الطعام أو الشراب بعد نصف الليل وناموا إلى الفجر فإنهم بذلك يكونوا قد تسحّروا.. السحور سُمّي بذلك لارتباطه بوقت السّحَر، والسّحر هو الثلث الأخير من ثلث الليل الآخر، فلا تكون قد تسحّرتَ إذا لم تأكل أو تشرب في هذا الوقت، قال عليه الصلاة والسلام: (فصلٌ ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السّحَر) أي وقت السّحَر، وقال كذلك عليه من الله كامل الصلاة والسلام وأتمّهما: (استعينوا بطعام السّحَر على صيام النهار)، فدلّ ذلك على اقتران السّحور بوقت السّحر..
إنّ الأكل أو الشرب وقت السّحر لأجل الصوم له فضل عظيم، فإن الحق سبحانه قد امتدح أهل هذا الوقت فقال: (وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) وقال جلّ وعلا: (وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ)، فقد أثنى على استغفارهم لأنه رجوعٌ إليه سبحانه، وهو كذلك يثني على المتسحّرين لأنهم يستعدّون له سبحانه ولصيام فرضه الذي هو أحبّ الأعمال إليه، يقول عليه الصلاة والسلام: (إنّ الله وملائكته يصلّون على المتسحّرين)..
أفضل السحور ما كان متأخراً لقوله : (لا تزال أمتي بخير ما عجّلوا الفطر وأخّروا السحور)، وذلك لأنه أقرب إلى الصيام، وقد كان رسول الله يحب أن تكون أكلة الإفطار عاجلة حتى لا تكون بعيدة عن زمن الصيام، وكذلك أكلة السحور فكلما كانت متأخرة كانت أقرب إلى وقت الصيام، وفي ذلك فائدة وسرٌ كريم حيث أنّ كلا الأكلتين يكون أقرب إلى أنوار الصوم فتزيد بركتهما؛ لهذا قال: (لا تزال أمتي بخير..)؛ فالسحور أو الإفطار يستمدّان من أنوار الصوم لأنهما متصلان به، والأكل إذا صاحبه النور كان خيراً وبركة وشفاء، فما بالك إذا صاحبه نور الصيام وهو نور عظيم مستمدّ من الله سبحانه جلّ في علاه (إلاّ الصوم فإنه لي)..
لا تدعوا السحور ولو بجرعة ماء لقوله :
(السحور كلّه بركة فلا تدعوه ولو أن يجرع أحدكم جرعةً من ماء، فإنّ الله وملائكته يصلّون على المتسحّرين)
واللهَ نسأل أن يمنّ علينا بلبّ حقائق الصيام، وعظيم فضله التام، كما أخبر عنه جلّ وعلا ورسوله عليه الصلاة والسلام، ولا تنسونا من الدعاء، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.